Sunday, 27 May 2012

يوميات ام مغتربه ٩

يوميات ام مغتربه ٩ حنان و حنين تضائل شعوري بالغربه حتي اصبح في حجم البندقه. ساعدني علي التخلص من شعور الغربه عوامل كثيره اهمها ان المجتمع الادنبراوي مجتمع تتعدد فيه الجنسيات حتي اصبح الاسكتلانديين  اقليه فيه. هذا الاختلاط يسهل عليك الشعور انك لست غريب فمثلا ان كان كل سكان البلده من القوقازيين و انت خمري اللون فستجد نفسك مميز و مختلف "بغض النظر ان كان هذا ميزه او عيب " لكن اذا تعددت الالوان فستجد نفسك من نسيج هذا المجتمع و لا تختلف كثيرا عنه فهناك الكثير مثلك و لا يوجد لون معين طاغي علي باقي الالوان. و من العوامل التي ساعدت علي تضائل الشعور بالغربه هو التعرف علي اصدقاء و معارف، فتعرفت علي امهات من جنسيات مختلفه في تمارين سباحه لينا و في عيادتها و تعرفت ايضا علي بعض ابناء مصر في ادنبره يعني تستطيع ان تجزم بان اصبح لي معارف و اصدقاء. لكن هل معني ان الشعور بالغربه تضائل ان المشكله انتهت؟ الاجابه لا و كيف اعيش دون مشاكل؟ لقد اتي مكان الغربه شعور جديد و هو الحنين ابتداءا من الحنين الي امي و ابي و اهلي و اقاربي و اصدقائي و انتهائا بالحنين الي الطعميه و المخليه بالارانب التي تصنعها جدتي و العصير النكتار بالالوان الصناعيه و شبسي بطعم الجبنه  او الطماطم "مش هتامر" و يبقي السؤال الذي حير الملايين " هو البعد جفاء و لا ابعد حبي تزيد محبه؟" بعد تفكير عميق توصلت الي هذه الاجابه، لا اعلم ان كانت صحيحه ام لا و لكن هذا بناء علي تجاربي البسيطه و المتواضعه. في المرحله الاولي من البعد بتزداد المحبه و لكن اذا طالت مده البعد يتحول الي جفاء. هل هذا ينطبق علي الوطن؟ هذا يختلف من شخص الي اخر و اجابتي و اجابه الكثير من المصريين لا و الف لا. لان الوطن ليس فقط الشوارع و الاصدقاء و الجيران و العائله و كبايه شاي ساعه العصاري و مسلسل الساعه ٨ علي القناه الاولي "زمان قبل الدش" و شراء لبس العيد يوم الواقفه فلا تجد مكان تضع فيه قدمك و مليونيه لاسقاط حكم العسكر او ميدان التحرير بشكل عام و كوب عصير قصب في يوم من ايام اغسطس الحار و وصولك متاخر علي افطار رمضان فتجد الناس تاكل فترد " لا سلام علي طعام احنا في رمضان" و كوب المياه التي تبعد سنتيمترا عن فمك و لن تضعها لان الفجر اذن و البحث عن رساله حلوه لترسلها الي اصدقائك الاقباط في عيد القيامه و ان كنت من المدخنين فالقهوه يوم الخميس ليلا هو مكانك و اصدقائك هم زوار القهوه و المواضيع التي تتكلمون فيها تتنوع من السياسه حتي متشاط الكوره. كل هذا ليس الوطن، هو جزء لكن ليس الوطن. الوطن هو هويتي اذا اردت ان تتعرف علي فانا مصريه. هذه الصفه اعطتك انطباعا عني لانها هويتي. الوطن هو المكان الوحيد الذي اشعر انه ملكا لي حتي ان كان مستعمرا داخليا "من نظام فاسد" او خارجيا "من دوله استعماريه". وطني هو ملك لي يحدد هويتي فلا لا بعد عنك يجفيني و لا اطاله البعد تنسيني وطني و حبي له ثابت طالما اتنفس. في الايام القليله قبل انتخابات الرئاسه المصريه كان حواري اليومي مع امي يدور حول احوال الشارع التي لم نستطع ابدا ان نخمنها و للا يستطيع احد ان يجزم بانه يعلمها و حول مواقف معارفنا و اقربنا من المرشحيين - ايه الاخبار يا ماما؟ - ما فيش و الله يا سعاد - الا صحيح طنط عنايات هتنتخب مين؟ - محتاره بين حمدين و ابو الفتوح لسه مش عارفه تعمل ايه بس ممدوح ابنها بيقنعها بحمدين و انكلك صبري بيقنعها بابو الفتوح - امم  و طنط فكريه؟ - عمرو موسي - ايه؟؟؟ دي كانت مع الثوره. طيب و اخوها انكل مصطفي؟ - ابو اسماعيل - بس ده طلع خلاص - هو لسه مصمم - و انكل ممدوح؟ - محتار بين شفيق و حمدين - ودي تيجي ازاي؟؟ هو عايز يوصل لايه بالضبط؟ - و الله ما انا عارفه بابنتي حاجات غريبه - طيب بابا ناوي علي ايه؟ - شكلها كده عمرو موسي - لااااااا، خبي بطاقته يا ماما - لا هو سمع عن موضوع البطاقات ده و محرص عليها قوي - و نينا ؟؟؟ - مقلوبه قلبه سوده علي ابو الفتوح - ليه انا اخر مره كنت معاها كانت بتشكر فيه عشان البردعي - لا مش عاجبها عشان بدقن - بس هو دقنه خفيفه منبته بس. طيب لو حلاقها؟ - سعتها يبقي في كلام تاني. - و انت يا ماما - انا كنت مع ابو الفتوح و دلوقتي ما بين حمدين او موسي - موسي يا ماما - اي حد غير الاخوان هكذا كانت اراء معارفنا متضاربه و منقسمه علي نفسها. مشتته ما بين من سوف يحقق اهدافها و بين من سيبعدها عنها. هل هذا طبيعي؟ هذه اول تجربه ديمقراطيه نمر بها قلوبنا و عواطفنا مشدوده حتي اننا لا نستطيع ان نفهم او نحلل ما يدور حولنا. اكتب اليكم الان من داخل كافيه داخل حديقه الميروز. هربت من البيت بعد ان تمكن مني القلق و دخل الياس نفسي. قررت الا استسلم الي الياس و ان اهرب بعيدا عنه حتي اهدا و افكر جيدا. حاليا علي بعد الاف الكيلومترات من عمليه فرز الاصوات الانتخابات الرئاسيه المصريه. نعم، تجري عمليه الفرز و انا لست هناك. تتضارب الاقوال ما بين ان مرسي و شفيق في الصداره بينما يكذب البعض هذه الاخبار و يقول ان صباحي و مرسي يتنافسان علي المركز ااول و الثاني و شفيق في المركز الثالث. لا احد يعلم الحقيقه لكن الذين ياكدون ان شفيق في الاعاده يقولوا ان الاصوات التي افرزت ١٩ مليون بينما انصار حمدين يقولون ان مازال هناك الثلث. لا احد يعلم شيئا. اعصابي متوتره جدا. و انا فالطريق الي الكافيه سمعت صوت اسعاف عالي ظننت ان هناك بلطجيه هجموا علي احدي اللجان. اري سيده تجلس علي الطاوله المجاوره لي تكتب شيئا غالبا تذاكر. تسرح و تكتب. كيف ليست متوتره و في غصون ساعات ستعلن النتيجه. كيف هولاء الطلاب يضحكون بصوت عالي و لا يشغلهم مصير الامه. الا يدركون ان لو نجح شفيق سيعود النظام القديم اسوء مما كان، لا تصدق من يقول لك ان لا احد يستطيع ان يقعر المصريين و ان ميدان التحرير ضمانه لنا. ثورتي في خطر ... وطني في خطر. نعم، وطني انا و ليس وطنهم. بلدي انا، انا احن الي بلدي و اشعر بالغربه من جديد. 

No comments:

Post a Comment