Monday, 9 April 2012

ىومىات أم مغتربه 6


مر شهر علي سعاد في الغربه, اصبحت أكثر تاقلما بل بدأت تشعر بالألفه, يمكنها الأن القول أن هذا بيتها و هذا شارعها. بدأ هذا الشعور يتأكد عندما استوقفها بعض الأشخاص يسألونها علي صيدليه قريبه من المكان فوجدت نفسها تدلهم علي أكثر من واحده, هذه الواقعه جعلتها تشعر بشئ من السعاده, فسعاد التي كانت لا تتخيل الخروج من المنزل من غير عسوي و لا تعلم كيف تحمل سله السوبر مركت و ترعي لينا في وقت واحد أصبحت الأن متمكنه و يسألها الناس عن أتجاهات الشوارع.
لكن هذا لم يعد طموح سعاد, يمكن في بدايه الغربه كان حلما صعب حدوثه أو توقعت حدوثه بعد فتره أطول من ذلك, لكنها الأن تطمع بأن يكون في حياتها شئ يخصها وحدها. هي أم و علي الأستعداد أن تضحي بكل ما تملك لبنتها و زوجه لرجل تعلم جيدا أنه في مهمه شاقه و يحتاج الي دعمها. لكن الا يجوز وسط كل هذه المسؤليات أن يكون هناك جزء لها وحدها, حدث يشرعها أنها تصنع شيئا, تنتج شيئا, تكون جزء مشارك في الحياه اليوميه للمجتمع التي تعيش فيه ليس من خلال زوجها أو أبنتها, ذلك الألزام الذي يجبر الأنسان أن يلتزم بمعاد محدد و يعمل بكل جد و جهد لأتمام مهمته قبل الميعاد و بعدها يشعر بأنه أتم ما عليه. كم كرهت هذا الألزام عندما كانت تعمل و كم تشتاق اليه الأن, كانت سعيده في بدايه أجزه الوضع بشعور عدم الأجبار علي الألتزام بالمواعيد و كم تشتاق اليه الأن.
أخذت تفكر سعاد بالهوايات التي طالما أحبت أن تمارسها و لكن عند كل هوايه كانت لينا العائق لممارستها الي أن أهتدت للطبيخ. "أنا طول عمري بحب أعك في المطبخ, صحيح الناتج كان بيبقي ذي عميله ... عك, بس أنا لم يكن عندي وقت للتعلم, ليه لأ؟؟ ممكن أتعلم طبيخ غريب هنا و لما أرجع مصر أفتح كافيه مثلا ... أيوه ... كافيه النجم عشان ديه الكلمه المفضله لعسوي بيقولها لكل الناس ... ولا كافيه الميدوز علي أسم الحديقه الي أمام المنزل. بس أنا مش هقدم شيشا ... ولا بلاش كافيه أصبح منتشر في مصر. ممكن مخبز يصنع الجاتوه و الكوكيز أصل الكوكيز هنا تحفه ... و لو كرنفال يفلس و يطلب أنه يضم سلاسل محلاته معي ... "
أفاقت سعاد من الحلم الذي كان بنقصه ديكور المخبز و قررت أن تبدأ بالأساسيات و هي غذاء اليوم الذي لم تعده بعد. أتصلت بعسوي علي الفور
-          - ألو ... عس عس
-          - أيوه يا سعاد في حاجه؟؟ أصلي مشغول
-          - أنا نزله أجيب حاجه الغذاء ... تحب تأكل أيه النهارده
-          - أي حاجه ... بس أنا جعان و عايز أكله حلوه عشان النهارده كان يوم سيئ.
-          - مانفسكش في حاجه معينه ...  قول بس ...
-          - مش قادر أفكر يا سعاد بس يلا أنجزي أنا جعان
-          - حاضر لما أخلص الأكل هكلمك
ذهبت سعاد الي السوبر مركت بعد أن قررت أن تعد فاهيتا الفراخ التي تعلمتها من أمها. هي سهله التحضير و لن تأخذ أكثر من 30 دقيقه. في البدايه فقط سوف تبدأ بالسهل الي أن تصنع المحمر و المشمر بعد أن تتمكن في الطبيخ. حسنا, لقد جاءت بالخضروات و الفراخ الخليه, يبقي البهرات. وعندما وصلت عند البهرات وجدت علي الرف المواجه للبهرات فاهيتا جاهزه تبدو من صوره الغلاف أنها لذيذه جدا. " أمممممم, أيه يا سعاد؟؟؟, هتعمليها ولا تنجزي و تجيبي الجاهزه؟؟ و بعدين دي أنجليزي يعني مستورده في مصر أكيد هتبقي حلوه, و سهله مش مطلوب منك غير أنك تحطي التوابل علي الفراخ في الفرن و بعد 12 دقيقه هتبقي زي الفل. بدل ما تعملي واحده و تطلع عينك و عسوي يبهدلك و هو جعان و لما بيبقي جعان أجارك ألله. جري أيه يا سعاد ... و مشروع المخبز؟؟؟ لو لم تبدأي الأن لن تبدأي أبدا, لازم المخاطره عشان الجنين يعيش أقصد أبدأ مشروعي ... أعمل أيه؟؟ أعمل أيه؟؟" . ظلت يد سعاد معلقه في الهواء أمام الفاهيتا الجاهزه و الصراع النفسي يدور بشده داخلها حتي أنها أنفصلت عن العالم الخارجي و لم تعد تسمع أو تري أي شئ ألا علبه الفاهيتا الجاهزه. أفاقت سعاد علي صوت سيده تستأذنها للمرور لأن عربه لينا تعوق الطريق. عند هذه اللحظه قررت سعاد ألا تشتري الفاهيتا الجاهزه و أن تصنع واحده بنفسها.
رجعت سعاد الي البيت و هي لا تعلم أن كان القرار الذي أتخذته صحيح أم لا, و لكن لم يعد للندم مكان الأن فليس أمامها ألا أن تصنع الفاهيتا. أخذت تقطع الخضروات و تتبل الفراخ ... هل نضجت الفراخ أم لا؟ كيق لي أن أعلم فهذه هي المره الأولي التي تعد فيها أي شئ له علاقه بالمطبخ. و بعد أن أنتهت من أعداد الفاهيتا أتصلت بعسوي
-          - ألو ... عسوي
-         -  أينعم
-         -  تعال يالا الأكل جاهز
-          - عملت لنا أيه؟
-          - فاهيتا
-          - ربك كبير يا سعاد
-          - أن شاء الله هتبقي حلوه
-          - طيب جبتي حاجه حلوه ... و لا كله ضرب ما فيش شتيمه؟؟
-          - جبت كوكيز
-          - طيب أنا في الطريق
وصل عسوي المنزل و وجد سعاد تحضر المائده.
-          - أسخن الأكل؟؟
-          - أيوة بسرعه أنا مستعجل
وضعت سعاد الأكل علي المائده و أخذت تراقب عسوي و هو يأكل. بدأ بأكل السلاطه و لم يأكل الفاهيتا بعد. هاهو يضع في فمه أول قطعه من الفاهيتا. أتسأله الأن عن رأيه ؟؟ ليس بعد فلم يمر ثوان علي مضغها. لماذا يأكل سريعا؟؟ هكذا لن يستطيع أن يتذوقها
-          - أيه أخبار الفاهيتا؟
-          - حلوه
-          - حلوه أوي و لا حلوه بس
-          - كويسه
-          - مش فاهمه أنا بقول حلوه و لا حلوه أوي و أنت بتفول كويسه
-          - أيه السؤال ده يا سعاد؟ حلوه ... كويسه
-          - يعني زي فاهيتا بتاعت مامتي
-          - يعني ...
-          - يعني أيه؟
-          - سعاد أنا جعان و ورايا حاجات كتير و مش قادر أفكر
-          - طيب خلاص.
أصيبت سعاد بالأحباط بعد هذا الحوار " أهذا يعني أني لست ماهره في الطبيخ, بس أعمل أيه؟ أيه الي ممكن يملئ وقتي بشئ مفيد دون أن يعطل مهمتي الأساسيه كأم؟ و لا لا يوجد شئ بهذه المواصفات؟ أنا أعلم جيدا أن الطبيخ مش لعبتي. عندي طموح أن أنتج شئ, أكيد أنا جيده في شئ ما و يكفيني شرف المحاوله. لن أيأس سأبحث عنه حتي أجده و سأجده بأذن الله."


2 comments: